غزة – خاص
في خضم المأساة الإنسانية التي يعيشها قطاع غزة بفعل الحرب، تتفاقم معاناة عائلات المفقودين، الذين يواجهون كابوسًا مستمرًا بين الأمل واليأس.
من بين هؤلاء، عائلة الشاب محمود عماد سليم الكحلوت (23 عامًا)، وهو من ذوي طيف التوحد، الذي خرج ذات يوم من مكان نزوحه في الزوايدة خلال شهر أغسطس 2024 ولم يعد، تاركًا أسرته في حالة من القلق والترقب المؤلم.
اختفاء غامض وبحث يائس
لطالما اعتاد محمود الخروج لفترات قصيرة لشراء بعض الحاجيات، لكنه كان دائمًا يعود سريعًا. إلا أن ذلك اليوم كان مختلفًا؛ فقد خرج ولم يظهر له أثر منذ ذلك الحين.
على الرغم من الجهود الحثيثة التي بذلتها أسرته، بما في ذلك نشر صوره في مناطق الجنوب والوسطى، والتواصل مع الصليب الأحمر، لم ترد أي معلومة مؤكدة عن مكان وجوده أو ما حدث له.
تصف شقيقته ديانا الكحلوت معاناة العائلة قائلة: “لقد بحثنا عنه في كل مكان، لكن دون جدوى. محمود بحاجة إلى رعاية خاصة، ولا نعلم كيف حاله الآن، أو إن كان بأمان. غيابه كابوس لا ينتهي.”
معاناة نفسية تتفاقم
لم تقتصر آثار اختفاء محمود على غيابه الجسدي، بل امتدت إلى تدمير الاستقرار النفسي لعائلته، خاصة والدته، التي دخلت في حالة من الصدمة العميقة، أصبحت تعاني من نوبات ارتباك، وأحيانًا تستيقظ من نومها منادية باسمه، وكأنها تراه أمامها.
تضيف ديانا بحزن: “أمي لم تتحمل غيابه، لقد أصبحت بالكاد تتحدث، ونلاحظ تدهور حالتها يومًا بعد يوم. نحاول أن نتماسك، لكن الغموض الذي يحيط بمصير محمود يجعل الأمر أصعب بكثير.”
ألم الفقدان يتضاعف
قبل اندلاع الحرب، فقدت العائلة والد محمود، الذي كان يمثل دعامة أساسية لهم.
ومع غياب محمود، أصبحت والدته تعيش في عزلة نفسية مؤلمة، حيث كان هو رفيقها الدائم. والآن، تجد العائلة نفسها وسط مأساة مركبة، تعاني من الحزن والقلق في آنٍ واحد.
مأساة المفقودين في غزة
محمود ليس حالة فردية، بل هو واحد من مئات المفقودين في غزة، الذين تعيش أسرهم بين الترقب والخوف، في انتظار أي بصيص أمل. بعضهم ربما يكون عالقًا في أماكن غير معلومة، أو في المستشفيات دون هوية، بينما يظل آخرون محتجزين في ظروف مجهولة دون أي معلومات عنهم.
نداء إنساني عاجل
وسط هذه المحنة، تناشد عائلة الكحلوت كل الجهات الإنسانية، بما في ذلك الصليب الأحمر، الأمم المتحدة، ومنظمات حقوق الإنسان، للتحرك العاجل لكشف مصير محمود والمفقودين الآخرين. كما تدعو أي شخص لديه معلومات عن محمود إلى التواصل الفوري معهم، علّ ذلك يكون بداية لعودة طال انتظارها.
في غزة، لا يقتصر الألم على من يواجهون القصف والدمار، بل يمتد ليشمل من يعيشون في دوامة الانتظار المريرة، في بحث مستمر عن أحبائهم المفقودين.