بعد مرور عامين على العدوان العسكري الإسرائيلي الذي بدأ في 7 أكتوبر 2023، لا تزال مأساة المفقودين والمخفيين قسرا تمثل أحد أكثر الوجوه قسوة لجريمة الإبادة الجماعية المستمرة ضد سكان قطاع غزة. آلاف العائلات الفلسطينية ما زالت تبحث عن أثرٍ لأحبائها بين الركام والمقابر الجماعية والسجون الإسرائيلية، دون أن تتلقى أي إجابة أو معلومة موثوقة عن مصيرهم.
تشير تقديرات المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسرا إلى أن عدد المفقودين والمخفيين في القطاع يتراوح ما بين 8,000 إلى 9,000 حالة، في حين بلغ عدد البلاغات الرسمية التي وردت حتى اللحظة نحو 5,000 بلاغ.
هذه الأرقام أولية، إذ لا يزال استمرار العدوان والانقطاع المتكرر للاتصالات وصعوبة الوصول إلى المناطق المدمرة والتمركز العسكري الإسرائيلي في العديد من المناطق يعيق التوثيق الكامل للحالات.
وفق البلاغات التي تلقاها المركز، فإن توزيع الحالات الجغرافي جاء على النحو التالي:
-محافظة الشمال: 17%
-محافظة غزة: 26.4%
-المحافظة الوسطى: 9.5%
-محافظة خانيونس: 8.4%
-محافظة رفح: 6.9%
-غير محدد: 18%
وسجل المركز أن اليوم الأول للعدوان في 7 أكتوبر 2023 شهد أكبر حصيلة للفقدان، حيث تم توثيق 371 حالة فقدان خلال ساعات من بدء القصف المكثف على مناطق متفرقة من القطاع.
بالتوازي، يواجه آلاف الفلسطينيين اختفاءً قسريًا في السجون الإسرائيلية، حيث ترفض سلطات الاحتلال الكشف عن أماكن احتجازهم أو أوضاعهم الصحية، في انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني.
وتشمل هذه الحالات أيضًا جثامين معتقلين محتجزة ترفض إسرائيل الإفراج عنها، محرومة بذلك العائلات من أبسط حقوقها في معرفة الحقيقة والوداع والدفن اللائق.
يؤكد المركز أن هذه السياسات تشكل نمطًا ممنهجًا من الإخفاء والتعتيم، يهدف إلى إدامة المعاناة وإخفاء الأدلة على الجرائم التي ارتكبت ضد المدنيين، في إطار سياسة أوسع من العقاب الجماعي والقتل المنهجي الذي يرقى إلى جريمة إبادة جماعية.
يطالب المركز الفلسطيني للمفقودين والمخفيين قسراً، الأمم المتحدة بإنشاء آلية دولية مستقلة للكشف عن مصير المفقودين والمخفيين قسرا في قطاع غزة.
ويدعو اللجنة الدولية المعنية بحالات الاختفاء القسري إلى مطالبة إسرائيل بتقديم قوائم رسمية بأسماء وأماكن وجود جميع المفقودين والمعتقلين والمقابر الجماعية ومن دفن فيها.
كما دعا المجتمع الدولي إلى الضغط الفعلي من أجل السماح بدخول فرق بحث وإنقاذ متخصصة ومعدات فنية لانتشال الجثامين من تحت الأنقاض والتعرف عليها.
وختم بالتأكيد أن استمرار الغموض حول مصير آلاف المفقودين يمثل جريمة مستمرة لا تقل فظاعة عن القصف ذاته، مؤكدًا أن الكشف عن مصيرهم واجب قانوني وأخلاقي وإنساني، لا يحتمل التأجيل أو المساومة.