غزة_أمل حبيب
عند أقرب نقطة للبيت، للعودة، لطريق قد تأخذه للديار، يقف حاملًا شوقه، نارٌ مشتعلة في قلبه، وسؤال لا يتوقف، متى أعود؟
….
يلجأ أيمن المدهون 23 عامًا إلى الله بقلب مثقل، وجد نفسه في صدمة النزوح، الطوابير، الخيمة، يبدو بأنه قد قرر العودة مهما كلفه الثمن، توجه إلى هناك، إلى محيط حاجز “نيتساريم” يريد التوجه شمال وادي غزة حيث البيت.
….
عند ذاك الحاجز تنقطع أوصال العائلة، الأخبار، يصبح الاسم مفقودًا، منذ ذاك اليوم بات أيمن مفقودًا، تذكر مريم التاريخ جيدًا، تقول:” فقدنا أخي أيمن بتاريخ 1 يوليو/ تموز من العام الحالي على طريق وادي غزة.
….
“كيف ابتلعته الطريق؟”، تتساءل عائلة أيمن، يحترق قلب شقيقته وهي تسترجع بذاكرتها تفاصيل حادثة فقدانه خلال الصيف الماضي مع اثنين من أبناء عمه بهاء وعطا الذي تربطه بهما علاقة قرابة وصداقة وأخوّة، فإن سألت عن واحد منهم ستجد ثلاثتهم معًا!
….
صباح قائظ الحرارة، خرج فيه أيمن برفقة بهاء وعطا، وأخبر ذويه أنه ذاهب مع أبناء عمه إلى منزلهم في دير البلح، وبعد ساعات، تلقت مريم اتصالاً من زوجة عمها تسأل عن ابنها، فتعجبت مريم لأن المفترض أنهم مع ابنها في منزلهم، لكن زوجة عمها لم تر أحدًا منهم منذ اليوم السابق، وتظن أنهم يبيتون عندهم.
استيقظ الخوف في قلب العائلة، وبعد جهد طويل في السؤال والبحث والاتصال، أخبرهم بعض المعارف وشهود العيان أنهم كانوا مع الجموع في محيط حاجز نيتساريم، منتظرين العودة لشمال وادي غزة، يريدون العودة للديار!
كانوا يحلمون بالعودة إلى مدينة غزة، يأخذهم الحنين إليها، لكن الأمنية لم تتحقق، أمنية واحدة هي الباقية بالنسبة للعائلة، أن يعرفوا مصير أيمن وبهاء وعطا، أمنية معلّقة!
…..
هذا أحمد، لم تعجبه فكرة النزوح، لم يتقبل الخيمة، السكن المؤقت، رفض كل شيء، وتقبّل فكرة واحدة وهي عبور حاجز نيتساريم والعودة للشمال!
…
أحمد اللوح 21 عامًا اختفى عند حاجز نيتساريم بشهر مارس من العام الجاري، وشقيقه مصطفى اختفى قبله بشهرين من بلدة الزوايدة وسط قطاع غزة، بقيت الحسرة في قلب أمهما التي تنتظر خبرًا واحدًا حتى تستريح.
…
تسبق الدمعات حديث الأم التي قالت:” هربًا من التشرد والخيمة وفكرة النزوح سلكا أحمد ومصطفى طريق النزوح، حاولت التخفيف عنهما بأننا سنعود، لكن الحرب طالت جدًا” (…) ” أنتظر عودتهم، أتمنى معرفة مصيرهم، أين أبنائي؟”.
….
لا آثار لهم، كيف نعثر عليهم وقد ابتلعت الحرب أحلامهم، وقضى حاجز نيتساريم على آخرها، عندما حاول عصام الغرة 22 عامًا العبور من جنوب القطاع لشماله!
….
تروي عائلة المفقود بأن عصام فقدت آثاره خلال محاولته العودة من رفح إلى شمال غزة بتاريخ 14مارس من العام الحالي، حاجزٌ لا يعرف المار به إن كان سيمر عبره أم سيقتل على عتباته، أم أنه سينضم لعداد المفقودين!
رسالة أخيرة وصلتنا من أم عصام بصوتها المبحوح: “يعني مش معقول ما أعرف وين ابني، يعني تبخر؟ ماله أثر؟ ما بدنا الا معلومة بسيطة عنه إذا ميت بدنا جثته وإذا عايش طمنونا”.





