وسط أوجاع الحرب والنزوح والمعاناة، تضيع خيوط الأمل في العثور على فايز المبيض، الشاب الأربعيني الذي يعاني من مرض نفسي، بعد أن فُقد عقب نزوحه من رفح إلى دير البلح.
ورغم ما كابدته أسرته من بحث وخوف وانتظار، فإن مصيره لا يزال مجهولًا حتى اليوم.
نزوح وألم.. ثم اختفاء
في الرابع من يونيو 2024، نزحت عائلة فايز من منطقة تل السلطان في رفح إلى دير البلح، بحثًا عن ملاذ آمن من القصف المستمر.
برفقة شقيقاته، كان فايز، المولود في عام 1981، الذي يعاني من مرض انفصام الشخصية منذ أن كان في الخامسة والعشرين من عمره، ورغم صعوبة ظروفه النفسية، كان قريبًا من شقيقاته طوال رحلة النزوح، حتى اختفى بعد خمسة أيام فقط.
“فايز لا يعرف شيئًا سوى اسمه وأهله، وكأنه طفل تائه في جسد رجل كبير”، تقول شقيقته بحزن. “ذاكرته ضعيفة جدًا، مخه ممسوح، وكان يتلقى علاجًا عبر وزارة الصحة، وله ملف رسمي في الطب النفسي”.
أنباء متضاربة وأمل لا يموت
بعد فقدانه، وردت للعائلة مكالمات غامضة تقول إنه استُشهد، لكن لم تصل أي تأكيدات.
وعبر الصليب الأحمر، تبين لاحقًا أن الاحتلال الإسرائيلي اعتقله يوم 15 يونيو 2024، وبعد شهر من التحقيق والاعتقال – الذي قد يكون تعرض فيه للتعذيب بحسب ما نقل الصليب – تم الإفراج عنه يوم 15 يوليو. ولكن حتى اللحظة، لا أحد يعرف مكانه.
“كأن الأرض ابتلعته”، تقول شقيقته. “بلغنا الصليب الأحمر بالإفراج عنه، ولكن منذ ذلك اليوم لم يظهر. لا بيت يأويه، لا هاتف، ولا وسيلة تواصل. ونحن نعيش على أمل أن نسمع صوته أو نلمح ملامحه يومًا ما”.
من طالب جامعي إلى مريض نفسي ومفقود
فايز، خريج كلية التجارة من الجامعة الإسلامية في غزة، كان شابًا طموحًا، قبل أن تهاجمه أعراض الانفصام في سنوات شبابه الأولى. رحل والداه قبل أعوام، وبقي في رعاية أخواته. كان طويل القامة، نحيف الجسم، بعيون خضراء تائهة لا تعرف الاستقرار.
اليوم، ومع استمرار الحرب والحصار وتدهور الوضع الإنساني، تُضاف قصة فايز إلى آلاف القصص التي تكشف وجع غزة الصامت.
رسالة للعالم
تطلب عائلته من المؤسسات الحقوقية والجهات الإنسانية والإعلامية، ومن كل من يشاهد أو يصادف فايز في أي مكان، المساعدة في العثور عليه. “هو لا يستطيع تمييز الاتجاهات أو حتى التعبير عن نفسه. نرجو من كل إنسان أن ينظر في وجه المارة، ربما يرى فيهم وجه فايز”.