خان يونس – خاص
في زحمة الحرب ونزيف النزوح، تختلط حكايات الغياب وتتكاثر الوجوه المفقودة، لكن لكل غائبٍ حكاية لا تشبه غيرها.
بلال مجدي البنا، شاب من خان يونس، كان أحد آلاف النازحين الذين اقتلعوا من بيوتهم قسرًا بفعل العدوان.
لجأ مع عائلته إلى مناطق المواصي غرب خان يونس، حيث كان الأمل في النجاة أضعف من أن يسكّن الخوف الذي ينهش القلوب.
في 25 فبراير 2024، قرر بلال، الذي ضاق صدره بالابتعاد عن داره، أن يعود إلى منطقته الأصلية في “البلد” بخان يونس.
حمل قلبه المليء بالحنين، ومضى رغم كل المخاطر
منذ تلك اللحظة، انقطعت أخباره تمامًا. لم يصل، ولم يُرصد له أثر. الهاتف صامت، والمسالك مقطوعة، والحرب كانت أشرس من أن تترك للعائدين فرصة النجاة.
عائلته، المكلومة بين الأمل والخوف، لا تزال تنتظر خبرًا عنه. يسألون كل من عبر تلك الطرقات، يبحثون في قوائم الشهداء والمفقودين والمصابين، ولكن دون جدوى. لا أثر يدل على مصيره حتى اليوم.
كان يحلم يرجع بيته
تقول والدته بحرقة: “ابني كان يحلم يرجع بيته.. رجع وما رجع.. لا لقيناه شهيد ولا حي، ولا حتى كلمة تطمنا عليه”.
بلال ليس مجرد اسم في قائمة المفقودين؛ هو صورة حية لمأساة آلاف الفلسطينيين الذين مزّقت الحرب حكاياتهم، وخطفتهم الطرقات إلى مصير مجهول.
قصته تصرخ في وجه العالم: أين أنتم من هذا الغياب الطويل؟
في خان يونس، وفي قلب عائلة البنا، هناك مقعد فارغ ينتظر بلال. هناك دعاء لا ينقطع وأمل لا ينكسر مهما امتد الغياب.