غزة- خاص
في مشهد يتكرر مع مئات العائلات الفلسطينية التي تعاني من فقدان أبنائها في خضم النزوح والمعارك، تفقد عائلة السكافي ابنها الشاب محمد إياد معين السكافي، البالغ من العمر 22 عامًا، وذلك أثناء محاولته العودة إلى مدينة غزة قادمًا من المنطقة الوسطى، حيث كان نازحًا منذ فترة طويلة بسبب تصاعد العدوان الإسرائيلي.
بحسب والده، فإن محمد كان من بين الآلاف الذين شردتهم الحرب، واضطر للنزوح إلى وسط القطاع، لكنه قرر يوم الإثنين الموافق 5 أغسطس 2024، المجازفة بالعودة إلى منزله في مدينة غزة، بعد أن ضاق به الحال وتفاقمت ظروف النزوح، وانعدام سبل الحياة الكريمة.
يقول والده بصوت يغلبه القلق والانكسار: “ابني محمد ما قدر يتحمل البعد عن بيته.. قاللي بدي أرجع حتى لو فيها خطر، ومشينا أنا وياه لحدود المنطقة، وبعدها انفقد وما عاد في أي خبر عنه”.
ومنذ ذلك الحين، لا تزال العائلة تبحث عنه دون جدوى، وسط انقطاع التواصل، وظروف أمنية معقدة تحول دون معرفة مصيره أو تتبع خطواته الأخيرة. لا توجد أي معلومات مؤكدة حول ما إذا كان محمد قد تم اعتقاله، أو أصيب، أو لا يزال مختبئًا في مكان ما خوفًا من القصف أو الاعتقال.
محمد، الشاب الطموح، كان يعمل في مجال الإلكترونيات، ويعرف بين أصدقائه بابتسامته الدائمة، وأخلاقه العالية، وحبه للمساعدة.
أصدقاؤه الذين عرفوه عن قرب يصفونه بأنه “شخص نقي، لا يحب الظلم، وكان دومًا يحلم بمستقبل أفضل رغم كل الصعوبات اللي بنعيشها”.
قضية محمد ليست حالة فردية، بل هي مثال صارخ على الواقع الإنساني المأساوي الذي يعيشه سكان غزة منذ بداية الحرب، في ظل انقطاع الكهرباء، غياب الإنترنت، وانهيار منظومات الحياة الأساسية، وغياب الأمان.
العائلة تناشد المؤسسات الإنسانية، الصليب الأحمر، وكل الجهات المختصة بالتحقيق في مصير ابنها، والكشف عن أي معلومة تتعلق به، ولو كانت بسيطة، علّها تُطمئن قلب أم تنتظر، وأب لا يغمض له جفن منذ أيام طويلة.
“ما بدنا غير نعرف إذا عايش أو لا.. بس نعرف،” يقول والده ودمعة حارقة تفر من عينيه، في وقت أصبحت فيه المعرفة نعمة والسكوت موت بطيء.